الحقيقة أني لا أعرف، أخاف من تقدم العمر أو لأ ؟
معظم الوقت أرى أنني بتقدم عمري تخلصت من سذاجتي المستفحلة قبل سنوات، علاقاتي الآن أكثر نضجًا مما كانت عليه سابقًا وهو أمر مريح جدًا، وعلى عكس أغلب الإناث فأنا أرى أن ملامح وجهي تصبح أجمل كل ما كبرت !
لكن في نفس الوقت أشتاق لسذاجتي ونظرتي الوردية لكل شيء. أشتاق لحماسي لكثير من الأشياء التي كانت تبعث فيّ الحياة وما عادت تفعل، وهنا أخاف أن بتقدمي بالعمر سيزيد عدد الأشياء التي لن تعود كما كانت بالنسبة لي!
الحياة صعبة التفسير ياخي وهذا متعب، أريد أن أفسر مايحدث ولمَ يحدث وماذا فعلت أنا لكي يحدث لكن كل هذا يدخلني في دوامة لا أقوى على الصداع الذي تسببه.
هذه الكلمات كتبتها ردًا على سؤال صديقة في ٢٠١٥ كيفك مع الميلاد الجديد؟
حفظتها في ملاحظات الهاتف وعندما مررت بها صدفة بعد حوالي خمسة أشهر أضفتُ عليها هذه الأسطر:
بعد خمسة أشهر من كتابة هذه الكلمات، أعتقد أنني تدريجيا بدأت أفقد الرغبة الملحّة دومًا في التفسير؛ ماذا يحدث ولم يحدث لي بالذات. أنا موجودة، الحياة مستمرة وأُحب طريقة سيرها وما آلت إليه الأحداث التي أزعجتني سابقًا.
أما الآن وبعد مرور سنة كاملة على كتابتها لا أستطيع إخفاء إعجابي بقدرة الإنسان المستمرة على استحداث أسبابٍ جديدة للحياة!
إنها روعة الحياة ولعنتها في آنٍ واحد؛ أنك تعيش في اللحظة الراهنة ولاخيار لديك غير ذلك. على الأغلب أنك ستخرج لتلتقِ بصديق بعد سويعاتٍ قليلة من قرائتك لكلماتي هذه، ستحملين طفلتك وهي تمدّ يديها الطريتين نحوكِ وأنتِ تتساءلين كيف يتحول حضنك فجأة لحدائق غنّاء في كل مرة تحضنيها، ستقرأ كتاب جديد ستتمنى أن تُنهي الجامعة، ستطمح لعمل تحصل فيه على تقديرٍ أكبر وستنتظرين اللحظة التي تستطيعين فيها السفر حول العالم كل هذا وأنت بالأمس فقط ظننت أنها نقطة النهاية وأنك لاتصلح لأي جديد تحمله هذه الحياة لك ولكنك مع ذلك موجود ولازلتَ تفكر بالقادم.
أصبح عمري ٢٥ عامًا وعلى عكس ماكتبت في سنتي الفائتة فأنا الآن لا أخاف من تقدم العمر بل أصبحت واعية ومدركة بأني أحب الحياة فعلًا! تلك اللحظات الصغيرة التي نظن فيها بأننا عبثيون في هذه الحياة تقابلها ساعات طويلة من العمل والسعي المستمر لأحلامنا للتقرب من أحبابنا، للإحساس بشعور جديد مهما كان بسيطًا.
السنة الفائتة حملت الكثير من الأحداث الكبيرة والفاصلة في حياتي، تخرجت من الجامعة، قمت بتقديم أول مقابلة عمل في حياتي المهنيّة وقُبلت من بين الكثير! وصلتني الكثير من التهاني من الأصدقاء والمؤسسة نفسها من نوع 'لا يقبل الكثير في أول وظيفة يتقدمون لها ولكنكِ فعلتِ' وهو ما زادني فخرًا بتجربتي الجامعية التي خرجت منها بسيرة ذاتية غنيّة بسببها كان أول ماقيل لي في المقابلة وقبل أن أجلس على الكرسي حتى: "من بين كل المتقدمين لهذه الوظيفة أنتِ أكثر من كنا ننتظر لقاءه"
تلك الجملة جاءت كالماء البارد على كل لحظات الشك والندم التي تأتي مابعد التخرج، لا أعرف كيف أصف ذلك لكن يميل الإنسان بعد كل مرحلة للنظر إليها بطريقة ملائكية يقرر فيها كيف كان يجب أن يحدث ماسبق وحدث وكيف أنه كان غبيًا في ٩٩٪ من القرارات التي اتخذها في تلك الفترة.
من الأحداث الفارقة أيضًا في سنتي الفائتة أنني تزوجت عمر الصديق الأقرب، أنظر لعينيه وأنا مطمئنة ومتأكدة أن أبنائي سيجدون فيه صفات الصديق الأقرب قبل الأب؛ كما وجدت أمهم من قبل.
كنت خائفة جدًا من أن أصل لعمر ال٢٥ وأنا لازلت عالة على من حولي -من ناحية مادية والسيارة طبعًا!- لكني قطعت شوطًا كبيرًا في تعليم السياقة في مدة قصيرة ولم يتبقَ إلا القليل بإذن الله. سعيدة بذلك جدًا جدًا :'').
هذه السنة ولأول مرة سأكتب أهداف السنة الجديدة، لم أكن أؤمن بجدوى هذا الفعل طوال السنوات السابقة لكنني قررت تجربة ذلك هذه السنة، تمنوا لي التوفيق!
أصلي أن يلهمكم الله الأسباب التي تجعلكم تستعيدون بها حيويتكم في كل مرة تحاول الحياة بها تصغيير وجودكم فيها وإغرائكم لممارسة لعبة الإشفاق على النفس وجلدها!
زينب وهي خمسة وعشرينية جادة ؛).